الجمهورية الجزاي رية الديمقراطية الشعبية

Transcrição

1 الجمهورية الجزاي رية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة العقيد الحاج لخضر كلية الا داب والعلوم الا نسانية قسم اللغة العربية وا داهبا مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير في الا دب العباسي ا عداد الطالبة سامية مدوري ا شراف الدكتور معمر حجيج السنة الجامعية 2010/2009 م 1

2 الجمهورية الجزاي رية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة العقيد الحاج لخضر كلية الا داب والعلوم الا نسانية قسم اللغة العربية وا دابها - مقاربة سيكولوجية تا ويلية مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير في الا دب العباسي ا عضاء لجنة المناقشة جامعة باتنة ري يسا ا ت ع د/ عمر بوقرورة جامعة باتنة مشرفا ومقررا ا ت ع د / معمر حجيج جامعة باتنة عضوا ا ت د / محمد منصوري جامعة ا م البواقي عضوا ا ت د / فاتح حمبلي ا شراف الدكتور ا عداد الطالبة * معمر حجيج * سامية مدوري السنة الجامعية / م 2

3 3

4 ) البقرة من الا ية ( 269 4

5 مقدمة تمهيد محتويات البحث الصفحة ا 1 1- العلاقة بين الفلسفة والشعر ا مفهوم الفلسفة ب مفهوم الشعر ج العلاقة بين الفلسفة والشعر العلاقة بين التجربة الشعورية والشعرية ا - مفهوم التجربة الشعورية ب - مفهوم التجربة الشعرية ج العلاقة بين التجربة الشعورية والتجربة الشعرية 17 الفصل الا ول س ي رة ا بي الطيب المتنبي وشعره 1 2 ا غراضه الشعرية نشا ته وحياته ميميته معركة الحدث الا ولى على قدر ا هل العزم 34 4 مقتله 44 الفصل الثاني الرو ية الفلسفية في شعر الحكمة عند المتنبي 1 تعريف الرو ية الفلسفية للحكمة في شعر المتنبي 47 2 خطاب الحكمة المفصلي في بنية القصيدة عند 3 شعر الحكمة عند المتنبي المتنبي فلسفته في شعر الحكمة 62 5

6 الملفوظ النفسي في شعر الحكمة عند المتنبي المتنبي والتحليل النفسي الا سلوب الشعري والتعقيد النفسي سلطة النفسي على شعر المتنبي الفصل الثا ثل الفصل الرابع الا داة الفنية في شعر الحكمة اللغة 2 الصورة 3 الموسيقى خاتمة 133 قاي مة المصادر والمراجع 137 6

7 أ

8 في العصر العباسي وفي ا واي ل القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي وفي حي من ا حياء الكوفة ولدت شخصية هامة وبارزة شخصية استطاعت ا ن تبرز نفسها بشجاعتها وقوة شخصها ا لا وهي شخصية ا بي الطيب المتنبي شاعر كل العصور الشاعر الذي استطاع ا ن يعبر بشعره عن مطامح الا نسان العربي عن ما سيه ووجدانياته وا ماله وتطلعاته والمتنبي كما قال عنه النقاد والباحثون " في بستان الحب تجده شجرة رمان كما تجده في ساحة الحرب شجرة سيوف " والمتنبي خلاصة الثقافة العربية الا سلامية في النصف الا ول من القرن الرابع للهجرة هذه الفترة كانت فترة نضج حضاري في العصر العباسي وهي في الوقت نفسه كانت فترة تصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العالم العربي فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في ا يدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من الا عاجم ثم ظهور الدويلات والا مارات المتصارعة في بلاد الشام ثم تعرض الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الا سلامية ثم الحركات الدموية في داخل العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة وقد كان لكل وزير ولكل ا مير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ثم هم وساي ل صلة بين الحكام والمجتمع بما تثبته وتشيعه من مميزات هذا الا مير وذلك الحاكم فمن انتظم في هذا المجلس ا و ذاك من الشعراء ا و العلماء يعني اتفق وا ياهم على ا كبار هذا الا مير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلا يرتحل ا لى غيره فا ذا كان شاعرا معروفا استقبله المقصود الجديد وا كبره لينافس به خصمه ا و ليفخر بصوته في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي والمذهبي كانت نشا ة المتنبي وقد وعي بذكاي ه ا لوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو صغير وانغرست في نفسه مطامح البيي ة فبدا يا خذ عدته في ا خذه با سباب الثقافة والشغف في القراءة والحفظ ا ن اهتمامنا الشديد بشخصية المتنبي القوية التي جعلته بارعا في اختيار خطى سيره والمكانة السامية التي وصل ا ليها بفضل لسانه وا عجابنا بشعره في الحكمة خاصة وا ثرها ب

9 في النفس تلك الحكمة التي ظل يرددها الناس في كل زمان ومكان وستظل دوما من ا هم الا سباب والدوافع التي ا دت بنا ا لى اختيارنا للموضوع المعنون ب " شعر الحكمة بين الرو ية الفلسفية والملفوظ النفسي عند المتنبي وهذا يعد " ومن خلال دراستنا لهذا الموضوع حاولنا الكشف عن شعرية تولدت عن ا صداء العقل والنفس ولهذا الغرض قمنا بوضع ا و رسم خطة تتكون من تمهيد و فصول ا ربعة متتالية وهي كما يلي تمهيد طرقنا من خلاله ا لى توضيح العلاقة بين الفلسفة والشعر وذلك من خلال تعريف الفلسفة وتعريف الشعر ثم بينا العلاقة بين التجربة الشعورية والشعرية وهذا بشرح وا براز عناصر التجربة الشعورية ومفهوم الشعرية الفصل الا ول في هذا الفصل حاولنا الا لمام بحياة شاعرنا العبقري ا بو الطيب المتنبي ومعرفة اسمه ونسبه طول عمره ووفاته ا ليها ومعرفة ا هم الخصاي ص الفنية لشعره ميميته الراي عة معركة الحدث الا ولى " القصيدة وهي ا بيات كلها مفعمة بالحكمة والشجاعة والمكانة الشعرية التي وصل وقمنا بتقديم المناسبة التي قال فيها على قدر ا هل العزم " الفصل الثاني هذا الفصل معنون ب المتنبي وفيه ا درجنا عناصر ا ربعة تتمثل في في شعر المتنبي الحكمة عند المتنبي خطاب الحكمة المفصلي في فلسفة المتنبي في شعر الحكمة الفصل الثالث حللنا ا بيات هذه ثم الرو ية الفلسفية في شعر الحكمة عند تعريف الرو ية الفلسفية للحكمة بنية القصيدة عند المتنبي شعر والذي يدور حول الملفوظ النفسي في شعر الحكمة عند المتنبي ومن خلال هذا الفصل حاولنا معرفة شخصيته من خلال التحليل النفسي الذي قام به كل من الباحثين يوسف سامي اليوسف وعلي كامل وما توصلا ا ليه من نتاي ج ثم الا سلوب الشعري والتعقيد النفسي عند المتنبي وا براز مدى سلطة النفسي على شعره الفصل الرابع خلال اللغة ومن خلاله قمنا بدراسة الا داة الفنية في شعر الحكمة وذلك من الصورة والموسيقى بنوعيها الخارجية والداخلية ج

10 الخاتمة وهي المرحلة الا خيرة بالنسبة لا ي بحث وفيها ا برزنا النتاي ج التي توصلنا ا ليها بعد الدراسة والتحليل لشخصية وشعر شاعرنا ا بو الطيب المتنبي ولدراسة شعر الحكمة عند المتنبي اعتمدنا منهجين ا ساسيين وهما المنهج التحليلي وذلك من ا جل تحليل القصيدة ) معركة الحدث الا ولى ( وكذلك تحليل ا هم ا شعار المتنبي الواردة في البحث والتي تغلب عليها الحكمة خاصة ثم المنهج النفسي من ا جل دراسة نفسية المتنبي والظروف التي عاش فيها وقد حاولنا ا يضا الاعتماد في دراسة هذا الموضوع على بعض المصادر والمراجع رغم صعوبة انتقاي ها والحصول عليها هذه المراجع التي من خلالها استطعنا العمل وا خذنا بعض الا صول والا خبار والا شعار الهامة منها ومن بين هذه المراجع ما يلي " مع المتنبي " للدكتور طه حسين " ا بو الطيب المتنبي دراسة في التاريخ الا دبي " للدكتور ريجيس بلاشير ترجمة الدكتور ا براهيم الكيلاني و" العرف الطيب في شرح ديوان المتنبي " للشيخ ناصيف اليازجي وغيرها وعلى الرغم من الجهد الذي بذلناه في ا ثراء هذا الموضوع ومحاولة الا حاطة با هم قضاياه ا لا ا ننا نقر با ن البحث لم يبلغ غايته لا نه موضوع واسع ومعقد وا خيرا وقبل ا ن نختم هذه المقدمة نرى ا نه من واجبنا ا ن نسدي الشكر لمن يستحقه فا ننا نتقدم بالشكر لكل من ساعدنا في انجاز هذا البحث ا يا كان نوع المساعدة فنعترف بجميل ا ستاذنا المشرف الدكتور " معمر حجيج " على ما قدم ا لينا من نصاي ح وتوجيهات وعلى ما ا فادنا به من تجربته وخبرته الطويلة في مجال البحث العلمي ونرجو ا ن نكون قد وفقنا في تكوين وتقديم صورة للبحث كما هو مطلوب وندعو االله عز وجل ا ن يجعل ا ول هذا البحث صلاحا وا وسطه فلاحا وا خره نجاحا اللهم اقبل دعاءنا وسهل لنا طريق النجاح ا نت الرحمن الرحيم بعبادك وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى ا له وصحبه وسلم د

11 1- العلاقة بين الفلسفة والشعر ا مفهوم الفلسفة ب مفهوم الشعر ج العلاقة بينهما 2 العلاقة بين التجربة الشعورية والشعرية ا - مفهوم التجربة الشعورية ب - مفهوم التجربة الشعرية ج العلاقة بينهما ه

12 1

13 تمهيد منذ بداية ظهور الشعر والا نسان يحاول تحليله وشرحه وتفسيره وذلك من ا جل فهم خصوصيته بشكل ا فضل وغالبا ما تا ثرت هذه التحليلات بالتصورات الثقافية الساي دة في الزمن الذي ظهرت فيه وبخاصة بالا فكار اللغوية والنظريات الفلسفية المهتمة بالطريقة التي يتمثل فيها الا نسان العالم بواسطة اللغة والشعر العربي مثله مثل باقي الفنون الا دبية مازال يلقى رواجا لما له من ا يقاع يحرك الانفعال ويثير الشوق وقد برع الشعراء في وصف ما حولهم من محاسن البشر ورواي ع الطبيعة وكل ما يحيط بهم وفي جميع الجوانب سواء كانت سياسية ا م ثقافية ا م اجتماعية ا لى غير ذلك وقد امتاز الشعر العربي وبشكل خاص في العصر العباسي بمظاهر التجديد والتعبير الا كثر ا يحاء وقد زين الشعر ا سماء عمالقة ذهبت ا جسادهم ومازالت ا شعارهم تصدح في سماء الشعر ومحافل الا دب وقد خلد التاريخ سير حياتهم بخلود ا شعارهم الممتلي ة بنبض الحياة وصدق الا حاسيس ولعل ا هم وا برز شخصية فرضت نفسها في مجال الشعر رغم ا نف الزمن هي شخصية ا ب ي الطيب المتنبي مالي الدنيا وشاغل الناس الشاعر الذي حظي في شعره بالحكم والا مثال فقد كان المتنبي بارعا في اختيار خطى سيره وانتقاء نهج شعره وا ن كان قد اتخذ الشعر مصدرا لكسب رزق عيشه ا لا ا نه رغم ذلك قد ا فنى وجوده في روح كلماته لتخرج صادقة تهز الضمير واختص بالا بداع في وصف مواقف القتال ومن خلال هذا التمهيد سنحاول توضيح وا براز العلاقة الموجودة بين الفلسفة والشعر وكذلك معرفة العلاقة بين التجربة الشعورية والشعرية وما مدى تا ثر المتنبي بهذه المجالات المتعددة 1 العلاقة بين الفلسفة والشعر ا مفهوم الفلسفة الفلسفة حقل للبحث والتفكير يسعى ا لى فهم غوامض الوجود والواقع كما يحاول ا ن يكشف عن ماهية الحقيقة والمعرفة وا ن يدرك ماله قيمة ا ساسية وا همية عظمى في الحياة كما ا ن الفلسفة تنظر في العلاقات القاي مة بين الا نسان والطبيعة وبين الفرد والمجتمع وهي نابعة من التعجب وحب الاستطلاع والرغبة في المعرفة والفهم بل هي عملية تشمل التحليل والنقد والتفسير والتا مل 2

14 هما للحكمة وكلمة فيلو فلسفة ليست عربية بل هي ترجمة حرفية لعبارة يونانية مركبة من لفظين وتعني المحبة وسوفيا تعني الحكمة وا ول من ا طلق على نفسه هذا التعريف هو الفيلسوف وبهذا يكون الفيلسوف هو المحب اليوناني فيثاغورس 572 ) ( 497 فقط الذي يرى ا ن الا نسان مهما اجتهد لا يستطيع ا ن يكون حكيما بل محبا للحكمة ومن هنا يتضح لنا ا ن هدف الفلسفة ليس الكشف عن حقاي ق ثابتة مطلقة وا نما هي البحث الدو وب المتواصل وعدم الاكتفاء بجواب معين ا و الاقتناع به الاستخدام الا يجابي للذكاء وليست شيي ا سلبيا قد يمتلكه الا نسان فالحكمة ا ذا تتمثل في قال ا رسطو " ا ن طاليس ) في النصف الا ول ق م ( كان ا ول من تفلسف وهذا هو ا يضا را ي كثيرين من مو رخي الفلسفة اليوم برتراند راسل مثلا على المنشا اليوناني للفلسفة لم يتفقوا على اسم الفيلسوف الا ول كوزن ا لا ا ن هو لاء وا ن اتفقوا قيل ا نه سقراط ) ( والفيثاغورية وقيل ا يضا ا نها المدارس اليونانية المتعاصرة قول الا يونية والا يلية (2) لقد عاش رواد الفلسفة الغربية المعروفون في اليونان القديمة في مطلع السنوات الخمسماي ة الا ولى ق م للا شياء وكذا طبيعة العالم والواقع وقد حاول هو لاء الفلاسفة الا واي ل ا ن يكتشفوا التركيب الا ساسي وكان الناس في استفسارهم عن مثل هذه المساي ل يعتمدون ا لى حد كبير على السحر والخرافات وا صحاب الخبرة اعتبروا هذه لكن فلاسفة اليونان المصادر من المعرفة غير موثوقة وعوضا عن ذلك التمسوا الا جوبة عن تلك المساي ل بالتفكير ودراسة الطبيعة حماش بلعيد الحديث في الفلسفة منشورات القصبة الجزاي ر ) د ت ( ) د ط ( ص 7 (2) علي زيعور مذاهب علم النفس دار الا ندلس ط ه 1980 م ص 31 3

15 وبالنسبة لغرض الفلسفة فقد كان في العصور القديمة وفي القرون الوسطى تفسير نظام الكون با سره والبحث عن العلل الا ولى لجميع الموجودات ا ما في القرن السادس عشر في عصر النهضة فا ن الثورة الفكرية ا دت ا لى تقدم العلوم وازدهارها وكانت هذه الثورة فلسفية قبل ا ن تصبح علمية فقد استبدل بفكرة العالم المتناهي المنظم (cosmos ) فكرة عالم لانهاية له ا صبح من شا ن العقل الا نساني ا ن ينظمه ويخضعه لسلطانه في حين كان العقل في نظر الفلسفة القديمة عقلا منفعلا خاضعا للنظام الكوني يتقبل الحقاي ق من العقل الفعال وهذا التغيير في النظرة الفلسفية ا لى الكون استتبع بتحرير التفكير الا نساني من نير كل سلطة لا تعترف با ن في ا مكان العقل ا ن يقرر بنفسه بعض الحقاي ق اليقينية سواء في ميدان العلم ا و في ميدان الفلسفة وقد ا دى هذا الوضع الجديد جديد من الا تحاد بين العلم والفلسفة في التفكير ا لى ا نشاء نوع وهذا الا تحاد بدلا من ا ن يكون مبدا يستند ا ليه التفكير في خطواته الا ولى ا صبح مثلا ا على يرجى تحقيقه بفضل المجهودات التي يبذلها العالم والفيلسوف كل في ميدانه الخاص وقد ا درك الفارابي منذ (2) فجر الفكر الا سلامي ا ن البحث الفلسفي لكي يكون مقبولا ومفهوما فيجب ا ن يقدم له بتوضيح لغوي وا ن الا حاطة اللغوية ضرورية للعمل الفلسفي وقد كان الفارابي يستغرق في شرح معاني الا لفاظ المستخدمة في الفلسفة ويميز بين معاني اللفظ الواحد ويبين تدرجاته الطبيعية والمنطقية والما وراي ية فلم يعد المقصود مع الفارابي اللفظ بحد ذاته ا نما المعنى المطابق للحد ا و التصور ا و البرهان الفلسفي وهذا الموقف قلب نظام العلاقة بين اللفظ والمعنى عند النحويين فا صبح المعنى متصدر المقام الا ول وا ن كان لا ينفي ا ولوية مصدر المعني الطبيعي الحسي ا ذ يعكس ا صل اللغة بيي ة اللسان الا م لكن ا لفاظها تحمل ازدواجية في المعنى ا لى حد تجعل معه الفيلسوف يستقي منها المعنى الذي يلاي م علومه ومقولاتها مصطفى غالب مبادي علم النفس مكتبة الهلال بيروت ) د ط ( 1981 ص 9 (2) المرجع نفسه ص 12 4

16 فالجوهر والعرض والموجود والشيء كلها ا لفاظ مشتقة من واقع مادي وبعدها الفلسفي يحاكي المعاني اليونانية وا ن كان يعني ا يضا محاكته لا بعاد ا سلامية الكلام ) ا و الفقه ا و التصوف ( ا ذا الفلسفة مصطلح يرتبط ارتباطا تتغير وتتطور مع تطور العلم من عصر لا خر وفي القرون الوسطى كما جاء في كتاب ) سواء في وثيقا باللغة وهي كساي ر العلوم والفنون الا دبية فقد كان غرض الفلسفة في العصور القديمة مبادي علم النفس عبارة عن تفسير لنظام الكون با كمله والبحث عن المسببات ( للدكتور مصطفى غالب لكل شيء وكان العقل في نظرها عقلا منفعلا ا ما في عصر النهضة وبتطور العلوم وازدهارها فقد ا صبح من شا ن العقل الا نساني ا ن ينظمه ويخضعه لسلطانه من الا تحاد بين العلم والفلسفة الفلسفي يكون ناجحا كلما قدم له توضيح لغوي هذا التغيير والتطور ا دى ا لى ا نشاء نوع جديد وقد ا درك الفارابي منذ فجر الفكر الا سلامي ا ن البحث والفلاسفة المسلمون وجدوا ا ن الفلسفة هي السبيل الا مثل لتحقيق السعادة القصوى التي هي غاية الوجود الا نساني على الا طلاق الجميل ا صبحت هي الصناعة التي توقف على السعادة الحقيقية يقول ابن سينا عليه " " ولما كانت الفلسفة هي التي تهدف ا لى تحصيل فالغرض من التفلسف كما ا ن يوقف على حقاي ق الا شياء كلها على قدر ما يمكن للا نسان ا ن يقف وهذه الا شياء الموجودة ا ما ا شياء ليس وجودها باختيارنا وفعلنا وا ما ا شياء وجودها باختيارنا وفعلنا ومعرفة الا مور التي من القسم الا ول تسمى فلسفة نظرية ومعرفة الا مور التي من القسم الثاني تسمى فلسفة عملية والفلسفة النظرية ا نما الغاية فيها تكميل النفس با ن تعلم فقط والفلسفة العملية ا نما الغاية فيها تكميل النفس لا با ن تعلم فقط بل با ن تعلم ما يعمل به فتعمل وصنف هو علم وعمل وهذا يعني ا ن للفلسفة صنفان صنف هو علم فقط ا ما الصنف الا ول وهو الفلسفة النظرية فبه تحصل معرفة الموجودات التي ليس للا نسان فعلها والغاية منه معرفة الحق والصنف الثاني وهو الفلسفة العملية تحصل به معرفة الا شياء التي من شا نها ا ن تفعل والغاية منه معرفة الخير وتشمل الفلسفة النظرية بدورها على ثلاثة ا صناف من العلوم ا حدها علم التعاليم والثاني زينب عفيفي فلسفة اللغة عند الفارابي دار قباء القاهرة ) د ط ( 1997 ص 108 5

17 العلم الطبيعي والثالث علم ما بعد الطبيعة وكل واحد من هذه العلوم الثلاثة يشتمل على صنف من الموجودات شا نها ا ن يعلم فقط في حين تنقسم الفلسفة العملية ا و " المدنية " ا لى قسمين " ا حدهما تحصل به علم الا فعال الجميلة والا خلاق التي تصدر عنها الا فعال الجميلة والقدرة على ا سبابها وبه تصير الا شياء الجميلة قنية لنا وهذه تسمى الصناعة الخلقية والثاني يشتمل على معرفة الا مور التي بها تحصل الا شياء الجميلة لا هل المدن والقدرة على تحصيلها لهم وحفظها عليهم وهذه تسمى الفلسفة السياسية " فالفكر الفلسفي جزء لا يتجزا من حياة الا نسان فما من ا حد من غير المو منين تقريبا ا لا وقد وجد نفسه بين الحين والا خر محتارا ا مام ا سي لة يغلب عليها الطابع الفلسفي من نوع ما معنى الحياة هل كان لي وجود قبل ميلادي هل من حياة بعد الموت ا ما المو منون فقد تعرض لهم هذه الا سي لة ذاتها ولكنهم سرعان ما يجدون الا جابة عنها بما ا وتوا من العلم مما ا نزله االله في كتبه الناطقة بالحق المنزلة بالصدق وما صح عن الا نبياء صلوات االله عليهم ولمعظم الناس نوع من الفلسفة من حيث نظرتهم الشخصية ا لى الحياة وحتى الا نسان الذي يعتقد ا ن الخوض في المساي ل الفلسفية مضيعة للوقت تجده مع ذلك يولي اهتمامه لكل ما هو عظيم وذو شا ن وقيمة كما ا ن للفلسفة تا ثير كبير في حياتنا اليومية وحتى في اللغة التي نتحدث بها نصنف الا مور تصنيفا مستمدا من الفلسفة فعلى سبيل المثال فا ن تصنيف الكلمة ا لى اسم وفعل وحرف يتضمن فكرة فلسفية مفادها ا نه يوجد اختلاف بين الكلمات وما يحدث لها ب مفهوم الشعر الشعر فن العربية الا ول وا كثر فنون القول هيمنة على التاريخ الا دبي عند العرب خصوصا في عصورها الا ولى لسهولة حفظه وتداوله وقد شاركته في الا همية بعض الفنون الا دبية الا خرى كالخطابة وبعد تطور الكتابة وانتشارها واتصال العرب بغيرهم دخلت بقية الفنون الا دبية الا خرى المتمثلة في النثر با شكاله المختلفة لتساهم جنبا ا لى جنب مع الشعر في تكوين تراث الا دب العربي ا لفت كمال الروبي نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين دار التنوير بيروت ) د ط ( 2007 ص

18 وقد وصل النظر ا لى الشعر في عصر المتنبي ا لى تجريد الشعر من ا ي اعتبار ا و قيمة فمسار التكسب بالشعر انتهى به ا لى ا ن يصبح نوعا من طرق الاستجداء والتسول فسقطت مكانة الشاعر في المجتمع ا لى درجة ا ن شاعرا ا ميرا مثل ا بي فراس الحمداني كان يرفض لقب الشاعر وهو الاعتبار نفسه الذي دفع بالمتنبي ا لى ادعاء صفة الا مير في مواجهة ما ا ل ا ليه حال الشعر في قوله و و ف اد ي م ن ا ل م لوك و ا ن ك ا ن ل س ان ي ي ب دو م ن الش ع ر اء وجاء في العرف الطيب ا ن المتنبي يريد من هذا البيت الشعري ا نه كان شاعرا وهو تعريض بطلب الولاية ويقال ا ن كافورا لما ا نشده هذه القصيدة منيرة سوداء ا هل للسياسة وا ن ) ( حلف له ا ن يبلغه كل ما في نفسه (2) شمس ويعد الشعر ا يضا وثيقة يمكن الاعتماد عليها في التعرف على ا حوال العرب وبيي اتهم وثقافتهم وتاريخها وا داي ه فقد حاول النقاد العرب تقديم تصور عن الشعر ومفهومه ولغته وقد ظهرت تلك المحاولة في تمييزه عن غيره من ا جناس القول فبرز الوزن والقافية بوصفهما مميزين ا ساسيين للشعر عن غيره من فنون القول لذلك نجد ا ن ا كثر تعريفاتهم تبين ا ن الشعر كلام موزون مقفى الوزن والقافية وعلى مجيء البيت من صدر وعجز وا هم ما يميز الشعر القديم هو الحرص على ومن هنا بدا الاهتمام بقضايا الشعر ولغته فظهرت كتب مختلفة في ضبط ا وزانه وقوافيه كما ظهرت دراسات عن الا شكال البلاغية التي يعتمدها الشعراء في ا بداع نصوصهم مثل وصنوف البديع الاستعارة والتشبيه والكناية وظهرت ا يضا كتب تقدم وصايا للشعراء تعينهم على ا نتاج نصوصهم وكتب ا خرى في نقد الشعر وتمييز جيده من رديي ه وتصنيفه في مجموعات بحسب ا غراضه وموضوعاته كما اهتمت كتب ا خرى بجمعه وتدوينه وتمكنوا من جعل الشعر حافلا بوظيفتي الا متاع والنفع فهو يطرب ويشجي من جهة ويربي ويهذب ويثبت القيم ويدعو ا لى الا خلاق الكريمة وينفر من ا ضدادها من جهة ا خرى مديح وهجاء وفخر وحكمة ورثاء وغزل ووصف واعتذار وتهني ة وتعزية ا راء وتعاريف النقاد والباحثين حول الشعر فابن سينا يقول معرفا الشعر وقد تعددت ا غراض الشعر بين " وفيما يلي بعض الشعر كلام com wwwgoogle بين التجريب والمحافظة ا حمد بنميمون (2) ناصيف اليازجي العرف الطيب في شرح ديوان ا بي الطيب مج دار صادر بيروت لبنان (د ط) (د ت) ص

19 مخيل مو لف من ا قوال ذوات ا يقاعات متفقة متساوية متكررة على وزنها ومتشابهة حروف الخواتيم يشبهها وقولنا " "والكلام" " جنس ا ول للشعر يعمه وغيره مثل الخطابة والجدل وساي ر ما من ا لفاظ مخيلة " التصورية على ما عرفت في صناعة ا خرى وقولنا فرقا بينه وبين النثر وقولنا فصل بينه وبين الا قاويل العرفانية التصديقية ذوات ا يقاعات متفقة " " " متكررة " ليكون ليكون فرقا بين المصراع والبيت وقولنا " متساوية " ليكون فرقا بين الشعر وبين نظم يو خذ جزا ه من جزا ين مختلفين وقولنا متشابهة الخواتيم " ليس بمقفى " ليكون فرقا بين المقفى وغير المقفى فلا يكاد يسمى عندنا بالشعر ما فا ما النظر فيه من جهة ما هو كلام ولفظ فا لى اللغوي والنحوي وا ما النظر فيه من جهة ما هو مخيل فا لى المنطقي والخلقي بحسب اعتبارين وا ما النظر من جهة الوزن المطلق وعلله وا سبابه فا لى الموسيقى وا ما من جهة الوزن الخاص عند بلاد دون بلاد صاحب العلم بالقوافي ا و على حكم التجربة والامتحان فا لى العروضي وا ما النظر في الخواتيم فا لى يرشح من تعريف ابن سينا السابق للشعر فهم له يرتد بخواصه التشكيلية ا لى التخييل باعتباره بناء متمزا للغة في مقابل النص العرفاني التصديقي مع ما يعضد ذلك من ا يقاع مخصوص للتمييز بين الشعر والنثر (2) ا ذا كان ابن سينا يرى با ن الشعر عبارة عن كلام مخيل مو لف من ا قول ذوات ا يقاعات متفقة متساوية متكررة على وزنها ومتشابهة حروف الخواتيم " فيه القول "محاك" الا قاويل الشعرية " فالفارابي يعرف الشعر على ا نها هي التي من شا نها ا ن تو لف من ا شياء محاكية للا مر الذي في حين ركز الفلاسفة المسلمون في تعريفهم للشعر على ا نه ا ولا ثم موزون ثانيا عن غيره من الا قاويل الا خرى ا و "مخيل" قول ولم يجعلوا الوزن هو السمة الخاصة الوحيدة التي تميز الشعر وعندما تحدثوا عن الشعر كقول محاك ا و بوصفه ا قاويل مخيلة ا و حتى عن المحاكاة كا حد عنصرين ا ساسيين يقوم على ا ساسهما الشعر فا نهم كانوا يقصدون الاستخدام الخاص للغة في الشعر الذي يعتمد على ما هو جمالي ومو ثر بصفة عامة وعلى التصوير البلاغي الحسي بصفة خاصة (3) في حين نجد ابن خلدون في كتابه الا خضر جمعي نظرية الشعر عند الفلاسفة الا سلاميين سلسلة المعرفة الجزاي ر ط ص 28 (2) المرجع نفسه ص 28 (3) المرجع نفسه ص 151 8

20 ( المقدمة ) يقول في صناعة الشعر ووجه تعلمه ا ن " هذا الفن من فنون كلام العرب وهو المسمى بالشعر عندهم ويوجد في ساي ر اللغات ا لا ا ن الا ن ا نما نتكلم في الشعر الذي للعرب فا ن ا مكن ا ن يجد فيه ا هل الا لسن الا خرى مقصودهم من كلامهم وا لا ا حكام في البلاغة تخصه فلكل لسان وهو في لسان العرب غريب النزعة عزيز المنحى ا ذ هو كلام مفصل قطعا قطعا متساوية في الوزن متحدة في الحرف الا خير من كل قطعة وتسمى كل قطعة من هذه القطعات عندهم بيتا ويسمى الحرف الا خير الذي تتفق فيه رويا وقافية ويسمى جملة الكلام على ا خره قصيدة وكلمة حتى كا نه كلام وحده مستقل عما قبله وما بعده وينفرد كل بيت منه با فادته في تراكيبه وا ذا ا فرد كان تاما في بابه في مدح ا و نسيب ا و رثاء فيحرص الشاعر على ا عطاء ذلك البيت ما يستقل في ا فادته في البيت الا خر كلاما ا خر كذلك ويستطرد للخروج من فن ا لى فن ومن مقصود ا لى ثم يستا نف مقصود با ن يوطي المقصود الا ول ومعانيه ا لى ا ن يناسب المقصود الثاني ويبعد الكلام عن التنافر كما يستطرد من النسيب ا لى المدح ومن وصف البيداء والطلول ا لى وصف الركاب ا و الخيل ا و الطيف ومن وصف الممدوح ا لى وصف قومه وعساكره ومن التفجع والعزاء في الرثاء ا لى التا بين وا مثال ذلك كما يشير ابن خلدون ا يضا ا لى ا ن فن الشعر كان شريفا عند العرب ومن ا جل ذلك جعلوه ديوان علومهم وا خبارهم وشاهد صوابهم وخطي هم ويرجعون ا ليه في كثير من علومهم وحكمهم ا سعدك االله وكانت ملكته مستحكمة فيهم شا ن ملكاتهم كلها ا ما محمد بن ا حمد بن طباطبا العلوي فيقول عن الشعر وا دواته با ن الشعر " كلام منظوم باي ن عن المنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم بما خص به من النظم الذي ا ن عدل عن جهته مجته الا سماع وفسد على الذوق ونظمه معلوم محدود فمن صح طبعه وذوقه لم يحتج ا لى الاستعانة على نظم الشعر بالعروض التي هي ميزانه ومن اضطراب عليه الذوق لم يستغن من تصحيحه وتقويمه بمعرفة العروض والحذق به حتى تعتبر معرفته المستفادة كالطبع الذي لا تكلف معه ا عدادها قبل مراسه وتكلف نظمه " وللشعر ا دوات يجب فمن تعصت عليه ا داة من ا دواته لم يكمل له ما يتكلفه المقدمة مج دار الكتاب اللبناني بيروت ط ص ابن خلدون

21 منه وبان الخلل فيما ينظمه ولحقته العيوب من كل جهة ولابن قوله " سينا تعريفات ا خرى للشعر يحرص فيها على ا ن يجمع بين التخييل والوزن مثل ا ن الشعر هو كلام مخيل مو لف من ا قوال موزونة " وبالمثل يرى ابن رشد ا ن الا شعار الطبيعية هي التي تجمع بين المحاكاة والوزن ويرى ا يضا ا ن كثيرا من الا قاويل الشعرية التي تسمى ا شعارا ليس فيها من معنى الشعرية ا لا الوزن فقط ا ذ ليس ينبغي ا ن يسمى شعرا بالحقيقة المحاكاة والوزن على حد قوله (2) فمصطلح المحاكاة ا و التخييل) ) ا لا ما جمع عند ابن رشد ا حيانا قد يعني الاستخدام الحسي المو ثر للغة الشعرية في مقابل الاستخدام العلمي التجريدي المباشر للغة في البرهان ذلك ما يتضح للباحث عندما يتخذ ابن رشد موقفا متشددا من ذلك النوع من الشعر الذي يعتمد على التصديق والا قناع فيخرجه من داي رة الشعر والمحاكاة كلية " وهاهنا نوع ا خر من الشعر وهي الا شعار التي هي في باب التصديق والا قناع ا دخل منها في باب التخييل وهي ا قرب ا لى المثالات الخطابية ا بي الطيب مثل قوله ل يس الت ك ح منها ا لى المحاكاة الشعرية ( ) (3) ل ف ي ا لع ين ين ك ا ل ك ح ل فبيت المتنبي هذا الذي يستشهد به ابن رشد لا يعد ف ي ط لع ة الش مس م ا ي غ نيك ع في تصوره يعتمد على المحاجة المنطقية التي تهدف ا لى الا قناع بقصد التصديق مثل ن وهو كثير في شعر زح ل محاكاة ا و شعرا لا نه ا ذا فالمحاكاة ا و التخييل عند ابن رشد تكمن في استخدام خاص للغة ويعتمد على التصوير التشبيه والاستعارة والكناية بصفة خاصة محمد بن ا حمد بن طباطبا العلوي عيار الشعر دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط م ص 9 10 (2) ا لفت كمال الروبي نظرية الشعر عند الفلاسفة المسلمين ص 84 (3) المرجع نفسه ص

22 ج العلاقة بين الفلسفة والشعر يقول الدكتور الا خضر جمعي في كتابه حول علاقة الشعر بالفلسفة با ن " نظرية الشعر عند الفلاسفة الا سلاميين " " هناك في بيي ات نقدية نشط نقاد منظرون في الارتقاء بوصف مفهوم الشعر عند العرب وكان لهذه الفي ة صلات بالمنطق والفلسفة وقد ظهرت هذه الفي ة من النقاد اثر نقل كتاب الخطابة وكتاب الشعر بما يرفدهما طبعا من فلسفة يونانية عامة وا رسططاليسية خاصة وبرزت لدى نقاد من مثل ابن طباطبا وقدامة وابن وهب الذين تكشف ا عمالهم عن الطابع المنطقي والفلسفي بشكل صريح ولكن هذا لا يعني ا ن هو لاء النقاد وضعوا فهما للشعر على غرار ما لليونان بل يبدوا ا نهم استعانوا بالفلسفة والمنطق ليضعوا فهما عميقا للشعر العربي ا و يو صلوا علما للشعر يو سس فهما لطبيعته وغايته ويضبط معيار القياس جماله وجودته دون ا ن يغادر التراث وحتى لو استفادوا لا من الفلسفة اليونانية فحسب بل من خطابة ا رسطو وشعره " افترضنا ا نهم فا ذا كان الفلاسفة قد اعتمدوا على الفلسفة با قسامها المختلفة في تا سيس مفهومهم للشعر فا ن الا مر عند ا رسطو مطابق تماما فكتابه في الشعر تنتظمه خيوط فلسفته العامة ومحاولة فهمه بعيدا عن فلسفته كثيرا ما يو دي ا لى التورط في الا خطاء ويبدو ا يضا ا ن محاولة فهم نظرية الفلاسفة الا سلاميين في الشعر معزولة عن بناي هم الفلسفي من جهة وعن ما رسخ لديهم من قناعات في حقيقة الشعر ترتد ا لى ا صول عربية من جهة ا خرى محاولة مهددة بالفشل من الا ساس فالشعر (2) ا ذا في حاجة ا لى من يسمو به ا لى مستوى الفلسفة والنظر البعيد الشامل ويصور به المساي ل العويصة وليست الفلسفة منافية للشعر فكل قضايا الفلسفة وكل حقيقة في هذا العالم تدخل في الشعر ا ذا صبغها الا نسان بعاطفته فا بان بها عن حزن ا و ا لم ا و تعجب ا و حيرة 2 العلاقة بين التجربة الشعورية والشعرية قبل تحديد وا يجاد العلاقة الموجودة بين التجربة الشعورية والشعرية يجب ا ن نحدد مفهوم ومعنى كل من التجربة الشعورية والشعرية الا خضر جمعي نظرية الشعر عند الفلاسفة الا سلاميين ص (2) المرجع نفسه ص 28 11

23 ا التجربة الشعورية وعناصرها ا ن الشعر ا عرق الا جناس الا دبية قاطبة وا كثرها تفاعلا مع ا نسانية الا نسان ومشاعره وا حاسيسه وا قواها تا ثيرا عليه لكنه عملية معقدة وغامضة في بعض الا حيان يحس بها الا دباء ويعيشون تفاعلاتها بعفوية تامة غالبا ا ما ا ذا ما حاولوا ا ن يتا ملوها ويتدخلوا فيها بوعي تام فا ن توقدها يخبت وينطفي لا ن العمل العقلي يهدي الانفعال ويحول هذه التجربة الملتهبة ا لى تفكير بارد عادي وهناك في كتب الا دباء والنقاد القدماء من عرف التجربة الشعورية لكنهم لم يوردوا لها مصطلحا محددا يقول ابن رشيق القيرواني" وا نما سمي الشاعر شاعرا لا نه يشعر بما لم يشعر به غيره ويقول كذلك " فا ذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ولاختراعه ا و استظراف لفظ وابتداعه ا و زيادة فيما ا جحف فيه غيره من المعاني ا و نقص مما ا طال سطره من الا لفاظ ا و صرف معنى ا لى وجه عن وجه ا خر كان اسم الشاعر عليه مجازا ولم يكن له ا لا فضل الوزن وليس بفضل عندي مع التقصير وعلى هذا فا ن الا ديب ومن ذلك الشاعر في ا بداعه بين حالتين حالة واعية وا خرى غير واعية وفي الحالتين يتا ثر بمخزونه الثقافي " ومن ذلك العقدي " والفني والعلمي وبا حداث حياته التي تستقر في الشعور واللاشعور فالمادة الثقافية التي يخزنها في ا عماقه ترفد عملية الا بداع وتو ثر فيها ا يما تا ثير ونحس بهذا الا ثر في لغته عندما نتبع معجمه الشعري فنجد ثراء لغويا في معجم ا ديب وقحط في معجم ا خر ا ذا من خلال ما سبق وما قيل عن التجربة الشعورية يمكننا القول با ن التجربة الشعورية هي الموقف الذي تعرض له الشاعر وتا ثر به وتفاعل معه نفسيا عبر ا حاسيسه ومشاعره ا ولا وثقافته ورو يته الفكرية ثانيا ومن ثم الترجمة الصادقة لهذا الموقف عبر اللغة والصور والا لفاظ ا ي من خلال الصورة التعبيرية كما ا ن التجربة الشعورية نوعين ذاتية وا نسانية عامة فالتجربة الذاتية يعبر من خلالها الا ديب عن موقف خاص تا ثر به وتفاعل معه من مثل قصيدة " الطفلة الباي سة " لنازك الملاي كة ا ما التجربة الا نسانية العامة فيعبر الشاعر فيها عن موقف عام تعرض له المجتمع ا و الوطن ا و الا مة كما في قصيدة " ا لى طغاة العالم " للشابي حيث يرتبط الخاص بالعام ويعرض للاستعمار في مراحله وما wwwgooglecom العلاقة بين التجربة الشعورية والشعرية عبد االله تلميس 12

24 يتركه في البلدان المستعمرة من ما س ومصاي ب فيما يلي - 1 والكراهية الوجدان ا و العاطفة - 2 ح ي الفكرة وللتجربة الشعورية عناصر محددة تتمثل مشاعر اللذة والا لم الفرح والحزن الحب وتا تي ممتزجة بوجدان الشاعر ونابعة منه ولا يجوز ا ن تا تي القصيدة فكرا محضا لا نها بذلك تفقد روحها وجمالها وا صبحت نظما لا اة فيه كالشعر التعليمي مثلا - 3 الصورة التعبيرية الموسيقى والا يقاع في الشعر ب وتشمل التجربة الشعرية لقد ارتبطت الشعرية في القديم باسم ا رسطو وكتابه فن الشعر عنوانه الكلمة نفسها التي تطلق على الا لفاظ والعبارات الصور والا خيلة poetics الشعرية " اسمين يذكران معها هما ياكبسون وتودوروف بمعنى في الا نجليزية " t todorov صنع يقوم على فكرة الجهد الا نساني " مما يو كد ا ن ا بداع الشاعر في التصور اليوناني القديم " الثقافي يبدو عليه التصور العربي القديم والمعاصر ويقول جان الذي يحمل ا ما في القرن العشرين فا هم وتعود الكلمة ا لى ا صل يوناني والغربي الحديث ا كثر مما يقوم على فكرة الا لهام على العكس مما ميشال غوفار با ن الخلق الشعري بالمعنى الذي نفهمه اليوم الشعرية ليس مقالا ا و دراسة تتناول الشعر ا و الشعرية " فعبارة poétique poiètikos تنحدر من الجذر الفعلي " التي تعني poièin عمل بنى ا لف " باليونانية ) ( poiètes هو قبل كل شيء ) من يصنع من يعمل من يو لف من اليونانية فالشاعر ( ( poièsis ) مقولات هو فن التا ليف (2) بدا ت الشعرية الغربية المحاكاة والا رسطية والشعر في منعطف القرن التاسع عشر في الانفصال الكامل عن ومع نشا ة علم الجمال بوصفه فرعا من الفلسفة في القرن الثامن عشر قوي المدخل الموضوعي للشعرية ولكن ليس على نحو كاف للصمود ا مام حسن البنا عزالدين الشعرية والثقافة المركز الثقافي العربي بيروت لبنان ط ص 27 (2) محمد حمود تحليل الشعر طريق المعرفة بيروت ط ه م ص 8 13

25 ص تا ثيرات كانط وهيجل اللذين طورا ميتافيزيقا جديدة يدرك فيها الموضوع بشروط تمثيله المعرفي بواسطة مدركه الذاتي صانعا حقولا الا خر بصورة تبادلية " ذاتية " و " موضوعية " وهكذا ابتعدت الشعرية الرومانسية ينفذ بعضها على عن مفهوم الشعر بوصفه محاكاة للعالم الخارجي في سبيل تا كيد ا بداعية ا كثر في تعبير الشاعر عن رو ية تتسامى على ما هو شخصي وتتا سس على المفهوم الا بداعي للخيال العقلي لا كثر من قرن متجلية ا خيرا في النظرية التعبيرية لدى كروتشه وقد دامت الشعرية الرومانسية ) bcroce ( 1952 وفي النصف الا ول من القران العشرين ا عطت اتجاهات النقد الا دبي الفرق بين الخطاب الا دبي وغير الا دبي ا همية ا ولى وقد دافعت الشكلية الروسية ضد الضبابية في الا دب في حقبة ما بعد الرومانسية وضد علم النفس مع الا دبية الشعر ( ) جاعلة (البنيوية ( literariness الخاصية المميزة للفن القولي وقد جاء معظم عملهم حول نظرية وقد اهتم تودوروف بالشعرية على نحو خاص في غير مكان من ا عماله تعني ثلاثة ا شياء هي 1 نظرية داخلية للا دب 2 وغيرها 3 والشعرية اختيارات الا ديب المو لف للا مكانات الا دبية من الموضوعات والا نشاء والا سلوب الشفرات المعيارية التي تتبعها مدرسة ا دبيه ما ويرى رومان جاكبسون ا ن الشعرية " تتجلى في كون الكلمة تدرك بوصفها كلمة وليست مجرد بديل عن الشيء المسمى ولا كانبثاق للانفعال وتتجلى في كون الكلمات وتركيبها ودلالتها وشكلها الخارجي والداخلي ليست مجرد ا مارات مختلفة عن الواقع بل لها وزنها الخاص وقيمتها الخاصة ا ما بالنسبة لجوهر المادة التي تمثل وجودا بالقوة (2) " الشعرية فقد علقه الفلاسفة بالخصاي ص الصورية للشعر مقابل وا ذا كانت عناية الفلاسفة واضحة بالمحتوى الا خلاقي حسن البنا عزالدين الشعرية والثقافة ص (2) سامح الرواشدة فضاءات الشعرية المركز القومي للنشر الا ردن ا ربد ) د ط (

26 للشعر فا ن اهتمامهم بخواصه " الصورية " لا يقل ا همية ويكفي ا ن مفهوم الشعر ومهمته لديهم تحدد بالاستناد ا لى فكرة المحاكاة والتخييل اللذين قد يترجمان ا حيانا ا لى معنى الصور البلاغية وا ذا كان مرد الشعرية في القول بحسب را ي الفلاسفة ا لى الا خراج الصوري للمعنى ا و ا لى تشكيل المواد المعنوية بفعل ما ينطبع عليها من ا ثار التخييل والوزن واللحن ا حيانا فا ن ذلك كله قاي م على وعي بارتداد الشعر ا لى بنية لغوية مخصوصة تمثل ولقد " ا دراك الفلاسفة لخصوصية هذه البنية في الا قرار بالتنوع في استعمال اللغة ا لى ا كثر من مقصد ويترتب على التنوع في المقاصد الذي يمكن ا ن يجمل في مجرد القصد ا لى الا فهام والتوصيل ا و المقاصد (2) ا لى تحسين الا فهام والتا ثير ا ن تنوعت بنية الكلام بحسب اختلاف ونلاحظ ا ن هناك ا مرين يحددان طريق التجربة الشعرية وهما - ا ولا التناغم الذي يبدعه الشاعر با سلوبه الخاص بين شعوره الداخلي الكامن فيه والا مكانية التعبيرية المتفتحة في ا عماقه من جهة وبين الا طار الواسع الذي يمنحه المجتمع بكل تجاربه ومعاناته للنشاط الا نساني الفردي لكي يعبر عن المعنى العميق للتجربة الا نسانية الداخلية من جهة ا خرى ومن ثم السمو - ثانيا بهذا التناغم تناغم الداخل والخارج وطرق التعبير ليصبح ا فصاحا على الفعل الكلي للشعور المشترك منبها يوقظ الشعور الكامن في الا خرين في حين يرى ا و يعرف د وهكذا تصبح كل كلمة من كلمات الشاعر (3) محمد غنيمي هلال التجربة الشعرية با نها الصورة الكاملة " النفسية ا و الكونية التي يصدرها الشاعر حين يفكر في ا مر من الا مور تفكيرا ينم عن عمق شعوره وا حساسه وهي جماع للنفسي والكوني في صياغة متلاحمة الا جزاء انصهار للذاتي والموضوعي للفكر والشعور للمحسوس والمتخيل وهي الا داة الشاملة الا خضر جمعي نظرية الشعر عند الفلاسفة الا سلاميين ص 156 (2) المرجع نفسه ص (3) wwwgooglecom "الشاعر والشعور والشعر الحديث " موسى ديب الخوري 15

27 التي تلم الا نسان والعالم عبر تفاصيلها الدقيقة في صورة شعرية تعود ا لى معاناة داخلية لا تفلح في تا ليفها بغير الرو يا (2) فا ذا تا ملنا هذا البيت الشعري الذي قاله المتنبي لا ي س ل م الش ر ف الر ف ي ع م ن ا لا ذ ى ح ت ى ير اق ع ل ى ج و ان ب ه الد م " على بسنته فقد را ى عبد القاهر الجرجاني في هذا البيت الشعري حكمة بالغة ومثلا ساي را يحيل معنى معقول لم يزل العقلاء يقضون بصحته وبه جاءت ا وامر االله سبحانه وتعالى الدنيا من الطغاة الماردين والغواة المعاندين يتصورون الرشد فيكفهم النصح ويمنعهم الجور والظلم من الضعة والخبال الزجر () ويرى العارفون بالسياسة الا خذ ا ذ كان موضوع الج ب لة على ا ن لا تخلو الذين لا يعون الحكمة فتردعهم ولا يحسون بنقاي ص الغي والضلال ولا وسطو البا س الشديد ولا دنيا تنف عنه الا قذاء بل كانوا كالبهاي م والسباع وما في فيجدوا لذلك مس ا ليم يحبسهم على الا مر ويقف بهم عند لا يوجعهم ا لا ما يخرق الا بصار من حد الحديد فلو لم تطبع لا مثالهم السيوف ولم تطلق فيهم الحتوف ولا نال ا هل الشرف ما نالوه من الرتبة العليا (3) ولا تقر الروح في بدن لم تدفع عنه الا دواء" فمثل هذا الكلام يشير ا لى ا ن الشاعر لم يزد على ا ن ذكر الناس مشتركة بينهم في صيغة تعبيرية بسيطة مع الا بقاء على لما استقام دين فلا يطيب الشرب من منهل لم فقط الا طلاق والتعميم بحقاي ق سرمدية ا براهيم رماني الغموض في الشعر العربي الحديث طبع على نفقة الصندوق الوطني لترقية الفنون والا داب الجزاي ر 2003 ص 151 wwwgooglecom شعرية المثل عند المتنبي ) البنية والوظيفة ( حميد سمير (2) (3) المرجع نفسه 16

28 ج العلاقة بين التجربة الشعرية والشعورية ا ن التعبير الا نساني يبدا بالبحث عن الحقيقة في ا طر مفاهيم عامة مختلفة كالجمال والمحبة والطبيعة لكنه ينتهي ا لى لحظة يتجلى فيها الا نسان ذاته بحقيقة الوجود وتكون تلك اللحظة هي لحظة الشعور بالا تحاد مع كل شيء وفيها تتبع في الا نسان وتتدفق منه نغمات الشعر الصادق الحي وفي اللحظة التي يصبح فيها الشاعر هو الشعر يتسنم الشعور ذروة تا لقه وتلك هي اللحظة الشعرية الخاطفة اللحظة التي يكون فيها الا نسان كلمة وا غنية وتعبيرا حيا اللحظة التي يحيا فيها الا نسان شعوره العميق الكامل بصدق وبنقاء اللحظة التي ينسى فيها نفسه ويستيقظ فيه معنى الا خوة الا نسانية الشاملة الكلية والوحدة مع كل ما في الكون والمتنبي عالم متنوع ورحب يفرض علينا ا ن نعيد تحديد العلاقات بين الشعر والحياة الشعر والزمن الشعر والتاريخ الشعر والبشر وا ن نجدد فهمنا لمعنى الشعر ولمعنى التجربة الشعرية عندما يعيش بشر في مناخ يهيمن عليه ثلج الانتماءات وشراسة السياسات فا ن علينا ا ن نعطي الا ولية للخرق والتجاوز للتمرد والخروج وما يتولد عنهما ا و يصاحبهما من نشوات و انخطافات وا ن نتهيا داخليا نفسيا وفكريا لكي نحسن فهم الطرق التي تتيح للشاعر ا ن يبني نقاط انطلاقه واستدلاله وعلاماتها وا فاقها وكيف يعطي لهذا كله معناه وكيف يكشف عن هذا المعنى ولا بد لنا من ا ن نتمتع بالقدرة على تخيل الشاعر منفلتا من كل قيد ا لا قيد الجمال والا بداع واللغة ويندرج في الكون بمتعة فكرية وجسدية بحيث يبدو كا نه يغامر في هذا الكون خفيفا وفي هذا الا طار يبدو المتنبي مثالا شعريا لاسترداد ا نسانية الشاعر العربي الذاي بة في الجمع والقبيلة والا مة ومن هذا كله نستخلص ا ن التجربة الشعرية عند المتنبي هي في الحقيقة خبرة حياة عاشها المتنبي متفاعلا ومنفعلا ومتفهما لكل ا بعاد قضاياها الذاتية وقضايا الواقع من حوله وقد استطاعت تجربة الشاعر الشعرية ا ن تكشف عن موقفه النفسي من ناحية وعن رو يته للواقع و الحياة من ناحية ا خرى 17

29 التجربة الشعرية الواقع المعاش ما وراء الواقع النص ( الواقع الحسي ) الواقع غير الحسي ( ) ( التجربة الشعورية ) المحتوى الوجداني النفسي ترسيمة تبين العلاقة بين التجربة الشعرية والشعورية 18

30 سيرة ا بي الطيب المتنبي وشعره سيرة المتنبي ا غراضه الشعرية ميميته معركة الحدث الا ولى"على قدر ا هل العزم "

31 س ي 1 ا رة المتنبي المتنبي شاعر القرن الرابع الهجري غير منا زع استطاع بموهبته الممتازة وعبقريته النادرة ا ن يكون ا هم شاعر ظهر فيه الباحثون ا كبر شاعر ا نجبته العربية في تاريخها الا دبي الطويل نشا ته وحياته في حي من ا حياء الكوفة يعرف باسم " وا ن يخمل كل شعراء عصره ويعتبره لا " كندة يسكنه ا لا سقاء ا و نساج وكان هذا الحي في الجانب الشرقي من الكوفة وكان مو لفا من ثلاثة ا لاف بيت من بيت رواء ونساج (2) وفي يوم من ا يام سنة ا حمد بن الحسين الجعفي عربي صريح 915 ه كنيته ا بو الطيب ولقب بالمتنبي على بعض القباي ل الضاربة في بادية السماوة بجبال الكوفة الميسرة الا دبية م ولد ا بو الطيب المتنبي اسمه (3) " وفي كتاب ل " خليل شرف الدين نجد اسم المتنبي هو الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي حجر في الميزان " هو ا حمد بن الحسين بن مرة بن عبد الجبار" لا نه ادعى النبوة الموسوعة ا بو الطيب احمد بن وعلى رواية ابن خلكان وابن (4) فالمتنبي جعفي القبيلة وهو جعفي بن سعد العشيرة ابن مذحج- ابن زيد ابن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان واسمه مالك كان سقاء يبيع الماء في حواريها ثم ارتحل الوالد بولده بن ا دد نشا المتنبي بالكوفة ويقال ا ن والده المتنبي ا لى ا رض الشام ولا يوجد ما يو كد حرفة والده السقاية غير بيتين من الشعر كان يرددهما الحاقدون من (5) الوراقين ومن الشعراء المفلسين ويكلفون ا تباعهم بترديد البيتين وهما ا ي ف ض الف ب ض ل ل ش اع ر ي ط ل ل م ن الن اس ب كر ة ع اش ح ين ا ي ب ي ع ف ي ا ل كوف ة الم ا ء و ح ين ا ي ب ي ع م اء الم و ع ش يا (6) حي ا فاطمة محمود الجوابرة موسوعة رواي ع الشعر العربي المتنبي دار صفاء عمان ط م 1423 ه ص 13 ريجيس بلاشير ا بو الطيب المتنبي دراسة في التاريخ الا دبي ترجمة د/ا براهيم الكيلاني دار الفكر الجزاي ر ص 40 جورج عبدو معتوق المتنبي شاعر الشخصية القوية دار الكتاب اللبناني بيروت ط ص 5 خليل شرف الدين الموسوعة الا دبية الميسرة المتنبي دار ومكتبة الهلال بيروت (د ط) 1980 ص 24 نوابغ العرب ا بو الطيب المتنبي دار العودة بيروت ط /07/01 ص 21 خليل شرف الدين الموسوعة الا دبية الميسرة المتنبي ص 19 (2) (3) (4) (5) (6) 20

32 ا ما والدة المتنبي فلم يذكر الرواة عنها شيي ا ويرجح ا نها ماتت في حداثته قبل سفره ا لى الشام وا ما جدته لا مه فقد تقدم ذكرها وهي التي تفردت من بين ا سرته جميعا برثاي ه لها واحترامه الفخم ب بد ي ا ي ه ا الا م ي ر و ل ا م قال ا بان اعتقاله الا ري ل ه ا ا ذ ا ذ ك ر ت ني ب ل ا ن يء ا لا لا ل ش د م ق ل ب ف ي د م ع ي غ ر ي ب ع ين ي ذ و ب وقد ذكر الرواة با ن جدته ماتت فرحا بكتاب جاءها منه بعد غيبة طويلة وما ترعرع المتنبي حتى ظهر نبيها محبا للعلم فكان يكثر مجالسة العلماء وملازمة مكاتب الوراقين فيقرا ما يقع تحت يده من كتبهم ورا ى ا بوه استعداداته الطيبة لقبول العلم فحمله ا لى بلاد الشام باديتها وحاضرتها فجالس الكثيرين من علماء زمانه في الا دب واللغة كالخفش وابن دريد وغيرهما الكثير حتى كان يعد من ا حفظ علماء عصره لغريبها وحوشيها وكان ا ول شغفه باللغة فحصل منها الشيء (2) الدرس يطوي معظم ليله والكتاب بيده ولا يرحل ا لا ودفاتره معه لا يستطيع " وهو القاي ل ماتت بعد ولادته و خ ي ر ج ل يس ف ي الز م ان ك ت ا ب توفي والد المتنبي وهو مازال حدثا (3) " ويبدو ا ن ا با الطيب لم يعرف ا مه وقد كان ا يضا كثير عنها صبرا ) ( ولعل هذه فربته جدته لا مه وهي التي غرست في قلبه حنانا لم يضعفه مرور الا يام وكانت ا فكار المتنبي تتجه في ساعات المحن ا لى جدته التي ا قامها مقام ا مه وكانت جدته معروفة با نها من صلحاء النساء الكوفيات دا بها فعل الخير المكتب العلوي بالكوفة حيث ا خذ قسطا من الشعر والا دب واللغة ونمط عيشهم وسلوكهم لم تكن صارخا ولعله ا ول شعر نطق به لا ت ح س ن الو فر ة ح ت ى ترى (4) فقد ا دخلته لكن حياة طلاب المكتب لتروق له قال له ا حد رفاقه ما ا حسن هذه الوفرة م ن شور ة الظ فر ين ي وم الن ز ال (*) فقال عبد الرحمن البرقوقي شرح ديوان المتنبي ج دار الكتاب العربي بيروت ط م 1424 ه ص 18 1 (2) جورج عبدو معتوق المتنبي شاعر الشخصية القوية ص 5 6 (3) بطرس البستاني ا دباء العرب في الجاهلية وصدر الا سلام ج 1 دار مارون عبود (د ط) 1979 ص 327 (4) ريجيس بلاشير ا بو الطيب المتنبي ص 41 (*) الوفرة شعر الرا س الكثيف المنسدل على الكتفين 21

33 والا سماعيلية ع ل ى ف ت ى م عت ق ل ص ع د ه ن ي ع له ا م ك ل و اف ي الس ب ا ل كان المتنبي طموحا وكانت الكوفة يومي ذ مسرحا للدعوات تبثها فرق القرامطة مبشرة بظهور المهدي من ا عقاب علي يرسله االله ليطهر الا رض ويملا ها عدلا بعد ما ملي ت جورا وفسادا فكان ا بو الطيب يتلقى هذه الا فكار منذ صباه فيتمثل المهدي ويتصوره بخياله وينظر ا لى هذه الا حوال القلقة ويقلبها على وجوهها فحدثته نفسه الطموح فثار على الا وضاع البالية عله يحقق مجدا وسيادة فدعا البدو ا لى ا تباعه فتبعوه لجهالتهم وفقرهم برح الحبس به ( ا مير حمص ) ولكن لو لو ا فثاب ا ليه رشده واستعطف الوالي بقصيدة منها د ع و تك ع ند ا نق ط اع الر ج اء د ع و تك ل م ا ب ر ان ي الب لا ء و ق د ك ان م ش ي هم ا ف ي الن ع ال ف ق و الم و و ا غير ا ن هذه الشكوى الباكية لم تو ثر في قلب الوالي يقدر على كل شيء ليجرب مرة ثانية ت قبض عليه واعتقله زمنا ا لى ا ن م ن ي ك ح ب ل وه ن ر ج لي ث ق (2) ل الو ر يد الح د يد د ص ار م ش ي هم ا ف ي ا ل ق يود فهل ييا س السجين ا ن شيطان الشعر ومن جديد كتب المتنبي ا لى الوالي من الحبس هذه النجوى ب ي د ي ا ي ه ا الا م ي ر و ل ا م ن ن ا ك ا الا ري ب ل ه ا ا ذ ا ذ ك ر ت ني ي تك ا خط ا ن ر ا ق ب ل ا لا ل ش ت ل ا ن يء ا لا د م ق ل ب ف ي د م ع وهكذا عفا الوالي عن المتنبي وفك عنه قيوده وا طلق سراحه ي غ ر ي ب ع ين ي ذ و ب (3) ف ا ن ي ع ل ى ي د يك ا تو ب خرج المتنبي من السجن والذي مكث فيه سنتين وقد ا قلع عن اللجوء ا لى الثورة المسلحة وادعاي ه النبوة ولجا ا لى السلاح الا قوى للوصول الشعر مكتفيا به وسيلة ا نجع فراح يضرب في الا فاق العربية وخاصة البلاد الشامية مادحا ا مراءها فقد اتصل شاعرنا بالا مير العربي بدر بن عمار في طبريا فمدحه ولقي عنده حظوة وتقديرا ا لا ا ن الحساد سعوا بينهما فا ثر المتنبي الارتحال من طبريا ا لى الرملة وكان عليها محمد بن خليل شرف الدين الموسوعة الا دبية الميسرة المتنبي ص 26 (2) جورج عبدو معتوق المتنبي شاعر الشخصية القوية ص 6 فاطمة محمود الجوابرة موسوعة رواي ع الشعر العربي المتنبي ص 18 (3) 22

34 طنج فمدحه ثم قصد طرابلس فبعلبك فا نطاكية نسيب سيف الدولة فقدم ا بو العشاي ر المتنبي ا لى سيف وكان عليها ا بو العشاي ر الحمداني الدولة ا ثناء زيارته له فا عجب الا مير الحمداني بالشاعر واصطحبه معه ا لى حلب وقربه منه واصطحبه ا يضا معه في رحلاته وحروبه ويروى ا ن المتنبي قد اشترط على سيف الدولة ا لا يكلفه ما يكلف به الشعراء من تقبيل الا رض بين يدي الا مير ومن ا نشاده الشعر وهو واقف وا ن يكون هو شاعر البلاط الا ول لتكون له الجاي زة الا ولى المتنبي يسعد بتلك الصحبة ويتقلب في تلك النعمة وا ن سيف الدولة قبل بكل هذه الشروط (2) فظل وجد المتنبي في بلاط سيف الدولة الجو الرفيع الذي كانت تتوق ا ليه نفسه ووجد المناخ العربي الصحيح والرجل الذي حلم به في صباه الرجل القاي د والقدوة الحسنة فلم يستطع ا ن يكونه ا ول ا مره لنقص في الا داة والوسيلة لا لنقص في الرجولة والكفاءة والاستعداد من ممدوحيه وما ا كثرهم فلم يجد سوى ا شباح له لا ا شباه ثم فتش عنه في غير سيف الدولة حتى ا ذا تلاقيا صورة ومثالا انقلب الخيال واقعا والحلم حقيقة وامتلا كل منهما بالا خر وا حس المتنبي با ن عهدا جديدا قد بدا في حياته وا ن ا يام الفقر والتشرد قد ولت ا لى غير رجعة ا قبال من وجد نفسه وحظي بضالته والثلاثين من عمره ا ي في سنة سبع وثلاثين وثلاثماي ة ا قبل على سيد البلاط لقد التحق المتنبي بسيف الدولة وهو في الرابعة ه (337 (3) ( وكلما تا هب سيف الدولة لغزو الروم ا و البدو في صحراء الشام كان الشاعر مستعدا دوما لمرافقته وثمة نوادر تصورهما في الغزوات ممتطين الخيل جنبا ا لى جنب نفسه خطيبا في النصر من الا عداء وقد كان المتنبي ينصب شعره ا مام رجال الا مير يجدد فيهم العزيمة على معاودة القتال وانتزاع وكان يبدع دوما لصدق وفاي ه للا مير فلم يفارقه ا بدا وكان يسجل في قصاي ده الكثيرة التي اختصه بها كل حوادثه فيتتبع بالذكر حروبه وسفره وقفوله وارتحاله ونزوله ويصف ظفره الصاعق وانخذال الروم وفرار ملكهم وقوادهم وتشتت جيوشهم خليل شرف الدين الموسوعة الا دبية الميسرة المتنبي ص 29 (2) المرجع نفسه ص 31 (3) نوابغ العرب ا بو الطيب المتنبي ص 22 23

35 ص واندحارها (2) لقد ظلت حياة المتنبي طوال تسع سنين مرتبطة صميما بحياة ا مير حلب فقد وجد سيف الدولة شاعره الخالد ووجد المتنبي ا ميره الا عظم خالويه النحوي خلاف في مجلس من مجالس سيف الدولة حتى وقع بينه وبين ابن كان حقد ابن خالويه على المتنبي هو دافعه ليضرب وجه المتنبي بمفتاح كان معه فجرحه وخرج الشاعر ودمه يسيل فوق وجهه (3) وكان يتوقع ا ن يغضب سيف الدولة له وينصره على هذا المعتدى ولكن يظهر ا ن الدساي س كانت قد ا ثرت في نفسه فلم يفعل شيي ا ولم يغضب لما حدث بل ولم يستنكره ولم يظهر ا سفه له (4) كافور ففر المتنبي ا لى مصر والتقى بحاكمها وقد ا خذ يزور الا قوال التي توافق هواه مسرفا بتعظيمه متس خرا بما لا يو من به فا ذل كبرياءه وتبذل من ا جل ا ن يحقق حلمه كافورا كان يخلف الوعد العراق ( الا مارة ) لقد (5) لكنه لم يحظ بالولاية لا ن فعاد بعدها ا لى الكوفة ومنها رحل ا لى فارس ثم عاد ا لى وجد المتنبي ا ن الا مة العربية في عصره مصابة منكوبة بملوكها ورو ساي ها فصاح حاقدا هاي جا ا غ اي ة الد ين ا ن ت ح فوا ش و ار ب ك م و نادى با على صوته و ا ن م ا الن ا س ب ا ل م لوك و م ا ت ض ح ك ي ا ا م ة فل ح ع ر ب ن ج ت م هل ه ا ا لا م م م لو كه ا ع ج م لذلك ا حب المتنبي سيف الدولة لا نه عربي ولا نه مثقف ولا نه استطاع حماية حدود البلاد ضد الا جانب كما ا ن المتنبي وجد في سيف الدولة ا حسن الموجود كما يقال وقد شرق الشاعر في البلاد وغرب فلم ينل ا عجابه ا ي ملك من هو لاء الملوك لا كافور زكي المحاسني شعر الحرب في ا دب العرب في العصرين الا موي والعباسي ا لى عهد سيف الدولة دار المعارف مصر ط ص 274 (2) ريجيس بلاشير ا بو الطيب المتنبي ص 199 (3) نوابغ العرب ا بو الطيب المتنبي ص 22 (4) يوسف خليف في الشعر العباسي نحو منهج جديد دار غريب القاهرة مصر ( د ط ) ( د ت ( ص (5) ا حمد الجندي قصة المتنبي دمشق ) د ط ( 10 تموز

36 ب ولا عضد الدولة ولا بن كيغلغ وقد مدحهم تقربا وتصنعا وما تجريحهم وشفى صدره منهم صفاته وا خلاقه ا ن الصفة البارزة لبث ا ن هجاهم وا معن في عند المتنبي والتي تظهر في شعره كله مدحا كان ا و فخرا ا و هجاء ا و حكما ا و غزلا ا و رثاء ا و وصفا هي القوة وشعوره بعظمته وتفوقه ولعل ا حساس المتنبي بالعظمة هو الذي جعل ذاته المتفوقة تبلغ حدا مرضيا كان من صفاته التي خاض فيها الباحثون كثيرا را ى بعضهم ا نه يعاني من جنون العظمة ا و من عقدة نرجسية ورا ى ا خرون ا ن هذا الا حساس بالعظمة استجابة طبيعية لذكاي ه وتفوقه وزاد من ا حساس المتنبي بذاته المتفوقة ا ن حساده كانوا له بالمرصاد فربط مدحه بهجاي هم ا ن ا ك ن م ع جب ا ف ع جب ع ج يب ل م ي ج د ف وق ن فس ه م ا ن ا ت ر ب الن د ى و ر ب ا لق و اف ي ا ن ا ف ي ا م ة ت د ار ك ه ا االله و س م ا م غ ر يد ن م ز ا لع د ا و غ يظ ا لح سود يب ك ص ال ح ف ي ث مود وفي كتاب شرح ديوان المتنبي للبرقوقي حدث علي بن حمزة قال الطيب ثلاث خلال محمودة وذلك ا نه ما مذمومة وذلك ا نه ما صام ولا صلى ولا قرا القرا ن ومن ا برز صفاته التي انعكس طموح جعله لا وجاه وسلطان بطموحه كثير ا حوله يدري ما يريد من الا يام " بلوت من ا بي كذب ولا زنى ولا لاط وبلوت منه ثلاث خلال (2) " ا ثرها على ا خلاقه طموحه طموح لا تحده حدود وتارة ا خرى يطمح في مجهول لا فتارة يطمح في ولاية يدير ا مرها فيكون له ع ز يستطيع له تحديد ا المتنبي وقد فكان الطموح مع ا يثاره دفعه هذا الطموح ا ن يلقي لكافور في لقاء بينهما ي ر ك ث ير ا و غ لذلك شقي المتنبي القوة عاملين مو ثرين في صلته بالحياة والا حياء من مراسيه مطوفا في بلاطات الحكام والا مراء ن ي زور ك ر اج ل ف ي رج ع م ل ك ا ل لع ر اق ي ين و ال يا (3) ول ي ق الديوان ج 1 ص (2) عبد الرحمن البرقوقي شرح ديوان المتنبي ص 6 (3) ريجيس بلاشير ا بو الطيب المتنبي ص

37 كافور في ويلح على ا ب ا ا لم هذا الطلب حين يحس تراخي ا منه سك ه ل ف ي ا لك ا س ف ض ل ا ن ا ل ه ويرجح بعض الدارسين ا ن طموحه كان ثمرة لعصره با مجاد كما ا ن الرجال من صفات كان الصدق صدق المتنبي ي ا غ ي ن ف ا ن ب شر م ن ذ ح ين و ت المثقل بالاضطرابات والدساي س جعله يترفع عن الكذب ا ذ لا يقول المتنبي في الصدق دق ف ي الص م ن دوح ة ع ن ا لك ذ ب و ا لج د ا ولى ب ن ا م ن (2) الل ع ب يليق كما عرف في المتنبي شجاعته وا نفته وعلو همته وغيرهما من صفات ا صلتها في نشا ته في ا عماق البادية وما صحب ذلك من كثرة رحلاته التي تعرض فيها للكثير من مشقات الطريق ومتاعب السفر وما تمور به من من الموبقات والحرص عن بخله ا سرة فقيرة جمع المال (3) تهافت على اللذات والشهوات وكان في ا خلاق المتنبي ترفع عن حياة ا هل عصره على المال ولا ولعل فقد ا برز السلبيات التي فا خلاقه محمودة وسيرته خالية امتاز بها المتنبي في شخصيته هي البخل كان يدافع عن هذه الدعوى وا ن نقلت الكتب والمرويات قصصا ينكر ا ن المال كان بالنسبة له وا درك ا ن الجاه والسيادة يحتاجان ا لى سلطان مخافة الفقر هو الفقر نفسه وسيلة لتحقيق ا ماله المفقودة المال فالمتنبي لم يكن بخيلا من معاناة حقيقيةا درك خلالها قيمة المال وا ثره البالغ في لذاته و م ا ر غب تي المتنبي ولكنه عون لدفع عاديات الحياة ست ف ي د ه سج د ا ف ي ع الحياة و ل ك ن ه ا ف ي م فخ ر د ه ست ج ا (4) فقد نشا في ولكن فلسفته في ذلك ا ن ولكنه صاحب فلسفة تنبع ليس المال لديه مطلبا وقد جاء في كتاب المتقن في تاريخ الا دب العربي للدكتورة ا يمان البقاعي ا ن كان يحرم على نفسه الخمر حفظا لعقله فيقول (5) المرجع السابق ص 295 (2) الموسوعة العربية العالمية المتنبي قضايا واتجاهات دار غريب القاهرة ط 2 ) د ت ( ص 300 (3) عبد االله التطاوي القصيدة العباسية (4) اليازجي العرف الطيب ص 320 (5) ا يمان البقاعي المتقن في تاريخ الا دب العربي (الموضوعات الا دبية) دار الراتب بيروت لبنان ( د ط) (د ت) ص

38 و كان ن ف و ا س م ا ل ل ف تى لب ه ذو الل ب ي و كر ه ا ن فاق ه لا يكره الخمر لا ن الكتاب حرمها فتحريم الكتاب عنده دون تحريم ممدوحه ا ذا ا راده على شربها و ا ذ ا ط ل ب ت ر ض ى ا لا م ير ب ش ر به ا و ا خ ذ ته ا ف ل ق وكان وفيا مخلصا لا صحابه و يكره الرياء والخداع ا يضا ت ا لا ح ر ما ك د ت ر وهذه ا قوال بعض معاصريه في ا خلاقه (*) قال ابن فورجه ( 400 ه /1009 م ( " كان المتنبي داهية مر اللسان شجاعا حافظا للا داب عارفا با خلاق الملوك ولم يكن فيه ما يشينه ويسقطه ا لا بخله وشرهه على المال (2) " حصل كثيرا من المال الشاعر قال " وقد قيل با نه جعل همه جمع المال ولم يقنع بما ا تيح من الثروة والغنى وقد وقال ا بو البركات بن ا بي الفرج المعروف بابن زيد التكريتي بلغني ا نه قيل للمتنبي قد شاع عنك من البخل في الا فاق سمرا بين الرفاق وا نت تمدح في شعرك الكرم وا هله وتذم البخل وا هله ما قد صار (3) ا نت القاي ل ي نف ن و م ق الس اع ات ف ي ج م ع م ال ه م خ اف ة ف ق ر ف ل ا ذ ي ف ع ل ا لف ق ر ا لست ومعلوم ا ن البخل قبيح ومنك ا قبح لا نك تتعاطى كبر الفضل وعلو الهمة وطلب المال والبخل ينافي ساي ر ذلك ا ن فقال لبخلي سببا وذلك ا ني ا ذكر وقد وردت في صباي من الكوفة ا لى بغداد فا خذت خمسة دراهم في جانب منديلي وخرجت ا مشي في ا سواق بغداد فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهة فرا يت عنده خمسا من البطيخ باكورة فاستحسنتها ونويت ا ن ا شتريها بالدراهم التي معي الخمسة البطاطيخ فقال بغير اكتراث ا يها الرجل دع ما يغيظ واقصد الثمن استطعت ا ن ا خاطبه في المساومة وقلت ا ليه فتقدمت بكم تبيع هذه اذهب فليس هذا من ا كلك فتماسكت معه وقلت فقال ثمنها عشرة دراهم فلشدة ما جبهني به ما فوقفت حاي را ودفعت له خمسة دراهم فلم يقبل وا ذا بطرس البستاني ا دباء العرب في الجاهلية وصدر الا سلام ص 325 (*) فورجه كلمة فارسية وتعني الولد الصغير (2) عبد الوهاب عزام ذكرى ا بي الطيب بعد ا لف عام دار المعارف مصر ط ص 13 (3) محمد زغلول سلام الا دب في عصر العباسيين ج 2 ص 87 27

39 بشيخ من التجار قد يا ودعا له وقال ويحك بكم هذا قال خرج من الخان ذاهبا ا لى داره فوثب مولاي هذا بطيخ باكور لا جازتك ا حمله ا ليه صاحب ا لى البطيخ من دكانه منزلك فقال الشيخ بل بدرهمين فقال بخمسة دراهم وحملها ا لى داره ودعا له وعاد ا لى دكانه مسرورا بما فعل را يت ا عجب من جهلك اس تم ت علي في هذا البطيخ ا عطيتك في ثمنه خمسة دراهم فبعته بدرهمين محمولا ا لف دينار دينار فباعه الخمسة بدرهمين فقلت له يا هذا ما وفعلت فعلتك التي فعلت وكنت قد اسكت فقال فعلمت ا ن الناس لا يكرمون ا حدا ا كرامهم لمن وا نا لا ا زال على ما تراه حتى ا سمع الناس يقولون وا نا لا ا زال على ما تراه حتى ا سمع الناس يقولون دينار يعتقدون ا نه لا يملك هذا يملك ماي ة ماي ة ا لف ا نه لا يملك ماي ة ا لف دينار " ا لا ا ن هذه القصص الغريبة التي رويت عن بخله الشاعر كان كثير الحساد فوضعوا عليه هذه النوادر لينتقصوه ويسقطوه ا ن المتنبي كان مقتصدا لا نه ذاق طعم الفقر في صباه فكره التبذير وقال صاحب الا يضاح ا ما ا بو الفتح ا ن ا با الطيب قد ملك ماي ة ا لف تنافي كبره وا باءه ولا ن " وكان المتنبي مر النفس صعب الشكيمة حادا مجدا بن جني فقد قال عن المتنبي فا غلب الظن هو " " العلم فيما يقوله ويحكيه على ا سد وتيرة وا حسن سيرة خلق قلما تكامل ا لا لعالم موفق ولقد كان من الجد فيما يعانيه ولزوم ا هل (2) " وحقا ا قول لقد شاهدته على محمد زغلول سلام الا دب في عصر العباسيين ج 2 ص (2) عبد الوهاب عزام ذكرى ا بي الطيب بعد ا لف عام دار المعارف مصر ط ص 13 28

40 ج مكانته الشعرية لا بي الطيب المتنبي مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية فقد كان نادرة زمانه وا عجوبة عصره وظل شعره ا لى اليوم مصدر الهام ووحي للشعراء والا دباء يجدون فيه القوة والتدفق والشاعرية المرتكزة على الحس والتجربة الصادقة فشعر المتنبي يمثل عصره ا صدق تمثيل فهو سجل تاريخي حافل وصادق في عصره كما ا ن شعره صورة لحياته المضطربة وفيه يتجلى طموحه وشهرته وعلمه ومجده وقد تميز شعره وشجاعته في كل ذلك بقوة المعاني وبعد الا خيلة ورصانة الا سلوب وغنى الا لفاظ وتدفق العاطفة وبناء القصيدة عنده محكم منطقي وتا خذ قصيدته نمطين ا ما التقديم للموضوع بالغزل الذي سار عليه الشعراء القدامى وا ما الشروع في موضوعه مباشرة يبث بيتا من الحكمة هنا وبيتا هناك وا جود شعره ما قاله في مدح سيف الدولة ويختلف شعره في الكهولة عن شعره في الحداثة ومعاني المتنبي ا روع ما تكون حين يا تي بحكم وا مثال مستمدة من تفاعل نفسه مع الحياة الاجتماعية تفاعلا يحسن فيه المتنبي ا دراك فلسفة الحياة ا و حين يصف المعارك ويصور البطولة ويتغنى بالمجد والشجاعة والشرف وتميل النفوس ا لى هذه المعاني لا ن في نفس كل ا نسان ميلا ا لى تمجيد القوة كما ا ن شعر المتنبي في معانيه وا سلوبه ارتفع بصاحبه ا لى ا كبر شاعر عرفته العربية وجعل منه ا كثر الشعراء حكمة ساي رة ومثلا شرودا يردده ا بناء العربية في كل زمان ومكان وقد خلف ا بو الطيب من الشعر ا كثر من خمسة ا لاف وا ربع مي ة بيت عني وقد الشراح بتفسير ديوانه لكثرة الراغبين فيه فكتب له الخلود في ا رفع ا لواحه وتبوا ا على درجاته ماهر الكيالي المتنبي المو سسة العربية للدراسات والنشر بيروت ط ص 5 29